قَالَ الله
تَعَالَى : { إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى
أَهْلِهَا } [ النساء : 58] ، وَقالَ تَعَالَى : { إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ
عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا
وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } [
الأحزاب : 72 ] .
__________
(1) -
أخرجه : البخاري 4/147 ( 3267 ) ، ومسلم 8/224 ( 2989 ) ( 51 )
.
(1)- وعن أَبي هريرة - رضي
الله عنه - : أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( آيةُ((2))
المُنافقِ ثلاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعدَ أخْلَفَ((3)) ، وَإِذَا
اؤْتُمِنَ خَانَ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وفي رواية((4)) : (( وَإِنْ صَامَ
وَصَلَّى وَزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِمٌ )) .
__________
(1) -
أخرجه: البخاري 1/15 ( 33 ) ، ومسلم 1/56 ( 59 ) ( 107 ) و( 109 ).
(2) أي
علامته .
(3) أي جعل الوعد خلافاً بأن لا يفي به، لكن لو كان عازماً على الوفاء
فعرض مانع فلا إثم عليه. فيض القدير 1/83 .
(4) عند مسلم
.
(1)- وعن حذيفة بن اليمان
- رضي الله عنه - ، قَالَ : حدثنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حدِيثَينِ
قَدْ رأيْتُ أحَدَهُمَا وأنا أنتظرُ الآخر : حدثنا أن الأمانة نَزلت في جَذرِ قلوبِ
الرجال ، ثُمَّ نزل القرآن فعلموا مِنَ القرآن ، وعلِموا من السنةِ ، ثُمَّ حدّثنا
عن رفع الأمانة ، فَقَالَ : (( يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ
الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبهِ ، فَيَظَلُّ أثَرُهَا مِثلَ الوَكْتِ ، ثُمَّ يَنَامُ
النَّومَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبهِ ، فَيَظَلُّ أثَرُهَا مِثلَ أَثَرِ
المَجْلِ ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ ، فَتَرَاهُ مُنْتَبراً
وَلَيسَ فِيهِ شَيءٌ )) ثُمَّ أخَذَ حَصَاةً فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ ((
فَيُصْبحُ النَّاسُ يَتَبَايعُونَ ، فَلا يَكَادُ أحدٌ يُؤَدّي الأَمَانَةَ حَتَّى
يُقَالَ : إنَّ في بَني فُلان رَجُلاً أميناً ، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ : مَا
أجْلَدَهُ ! مَا أَظْرَفَهُ ! مَا أعْقَلَهُ ! وَمَا في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّة
مِن خَرْدَل مِنْ إيمَان )) . وَلَقدْ أتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي
أيُّكُمْ بَايَعْتُ : لَئن كَانَ مُسْلِماً لَيَرُدَّنَّهُ عليَّ دِينهُ ، وَإنْ
كَانَ نَصْرانِيّاً أَوْ يَهُودِياً لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ ، وَأَمَّا
اليَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايعُ مِنْكُمْ إلاَّ فُلاناً
وَفُلاناً((2)
__________
(1) - أخرجه : البخاري
8/129 ( 6497 ) ، ومسلم 1/88 ( 143 ) ( 230 ) .
(2) قال النووي في شرح صحيح مسلم
1/362 ( 143 ) : (( معنى الحديث أن الأمانة تزول عن القلوب شيئاً فشيئاً، فإذا زال
أول جزء منها زال نورها وخلفته ظلمة كالوكت وهو اعتراض لون مخالف للون الذي قبله ،
فإذا زال شيء آخر صار كالمجل وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة ، وهذه الظلمة
فوق التي قبلها ، ثم شبه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب وخروجه بعد استقراره
فيه ، واعتقاب الظلمة إياه بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر ويبقى
التنفط . والمبايعة هنا البيع والشراء ، فإذا كان مسلماً فدينه وأمانته تمنعه من
الخيانة وتحمله على أداء الأمانة ، وإن كان كافراً فساعيه وهو الوالي عليه كان
أيضاً يقوم بالأمانة في ولايته فيستخرج حقي منه )) . ) )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ
.
قوله : (( جَذْرُ )) بفتح الجيم وإسكان الذال المعجمة : وَهُوَ أصل الشيء وَ((
الوكت )) بالتاء المثناة من فوق : الأثر اليسير . وَ(( المَجْلُ )) بفتح الميم
وإسكان الجيم : وَهُوَ تَنَفُّطٌ في اليدِ ونحوها من أثرِ عمل وغيرِهِ . قوله : ((
مُنْتَبراً )) : مرتفِعاً . قوله : (( ساعِيهِ )) : الوالي عَلَيهِ
.
(1)- وعن حُذَيفَة وأبي هريرة رضي
الله عنهما ، قالا : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يَجمَعُ اللهُ
تبَارَكَ وَتَعَالَى النَّاسَ فَيَقُومُ المُؤمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ((2)) لَهُمُ
الجَنَّةُ ، فَيَأتُونَ آدَمَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِ ، فَيقُولُونَ : يَا أَبَانَا
اسْتَفْتِحْ لَنَا الجَنَّةَ ، فَيقُولُ : وَهَلْ أخْرَجَكُمْ مِنَ الجَنَّةِ إلاَّ
خَطيئَةُ أبيكُمْ ! لَسْتُ بِصَاحِبِ ذلِكَ ، اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي
إِبْراهيمَ خَلِيل اللهِ . قَالَ : فَيَأتُونَ إبرَاهِيمَ فَيَقُولُ إبراهيم :
لَسْتُ بِصَاحِبِ ذلِكَ إِنَّمَا كُنْتُ خَليلاً مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ، اعْمَدُوا
إِلَى مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ الله تَكليماً. فَيَأتُونَ مُوسَى ، فَيَقُولُ :
لستُ بِصَاحِبِ ذلِكَ ، اذْهَبُوا إِلَى عِيسى كلمةِ اللهِ ورُوحه ، فيقول عيسى :
لستُ بصَاحبِ ذلِكَ ، فَيَأتُونَ مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُومُ
فَيُؤذَنُ لَهُ ، وتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ((3)) فَيَقُومانِ جَنْبَتَي
الصِّرَاطِ يَمِيناً وَشِمَالاً فَيَمُرُّ أوَّلُكُمْ
كَالبَرْقِ )) قُلْتُ :
بأبي وَأمِّي ، أيُّ شَيءٍ كَمَرِّ البَرقِ ؟ قَالَ : (( ألَمْ تَرَوا كَيْفَ
يمُرُّ وَيَرْجِعُ في طَرْفَةِ
__________
(1) - أخرجه : مسلم
1/129 ( 195 ) ( 329 ) .
(2) تقرب .
(3) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 2/60 (
195 ) : (( لعظم أمرها وكبر موقعها فتصوران مشخصتين على الصفة التي يريدها الله
تعالى )) .
عَيْن ، ثُمَّ كَمَرّ
الرِّيحِ ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ ، وَشَدِّ((1)) الرِّجَال تَجْري بهمْ
أعْمَالُهُمْ ، وَنَبيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّراطِ ، يَقُولُ : رَبِّ سَلِّمْ
سَلِّمْ ، حَتَّى تَعْجِزَ أعْمَالُ العِبَادِ ، حَتَّى يَجِيء الرَّجُلُ لا
يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إلاَّ زَحْفاً ، وَفي حَافَتي الصِّراطِ كَلاَلِيبُ
معَلَّقَةٌ مَأمُورَةٌ بِأخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ ،
وَمُكَرْدَسٌ((2)) في النَّارِ )) وَالَّذِي نَفْسُ أَبي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ ،
إنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفاً((3)) . رواه مسلم .
قوله : (( وراء
وراء )) هُوَ بالفتح فيهما . وقيل : بالضم بلا تنوين ومعناه : لست بتلك الدرجة
الرفيعة ، وهي كلمة تذكر عَلَى سبيل التواضع . وقد بسطت معناها في شرح صحيح مسلم
((4))، والله أعلم .
__________
(1) قال المصنف في شرح
صحيح مسلم 2/61 : (( أي عدوها البالغ وجريها . وتجري بهم أعمالهم ، معناه أنهم
يكونون في سرعة المرور على حسب مراتبهم وأعمالهم )) .
(2) المكردس : الذي جُمعت
يداه ورجلاه وأُلقي إلى موضع . النهاية 4/162 .
(3) الخريف : السنة .
(4) شرح
صحيح مسلم 2/61 .
(1)- وعن أَبي خُبيب - بضم
الخاء المعجمة - عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ، قَالَ : لَمَّا وَقفَ
الزُّبَيْرُ يَوْمَ الجَمَل((2)) دَعَانِي فَقُمْتُ إِلَى جَنْبه ، فَقَالَ
:
يَا بُنَيَّ، إنَّهُ لاَ يُقْتَلُ اليَومَ إلاَّ ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ،
وَإنِّي لا أراني إلاَّ سَأُقْتَلُ اليوم مظلوماً، وإنَّ مِنْ أكبرَ هَمِّي
لَدَيْنِي ، أفَتَرَى دَيْننا يُبقي من مالِنا شَيئاً ؟ ثُمَّ قَالَ : يَا بُنَيَّ
، بعْ مَا لَنَا وَاقْضِ دَيْنِي ، وَأوْصَى بِالثُّلُثِ وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ ،
يعني لبني عبد الله بن الزبير ثُلُثُ الثُّلُث . قَالَ : فَإنْ فَضَلَ مِنْ
مَالِنَا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّينِ شَيء فَثُلُثُه لِبَنِيكَ . قَالَ هِشَام :
وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللهِ قَدْ وَازى((3)) بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ
خُبيبٍ وَعَبَّادٍ ، وَلهُ يَوْمَئذٍ تِسْعَةُ بَنينَ وَتِسْعُ بَنَات . قَالَ
عَبدُ الله : فَجَعلَ يُوصينِي بدَيْنِهِ وَيَقُولُ : يَا بُنَيَّ ، إنْ عَجَزْتَ
عَن شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِنْ عَلَيهِ بِمَوْلاَيَ . قَالَ : فَوَاللهِ مَا
دَرَيْتُ مَا أرَادَ حَتَّى قُلْتُ : يَا أبَتِ مَنْ مَوْلاَكَ ؟ قَالَ : الله .
قَالَ : فَوَاللهِ مَا وَقَعْتُ في كُرْبةٍ مِنْ دَيْنِهِ إلاَّ قُلْتُ : يَا
مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيَهُ . قَالَ : فَقُتِلَ
الزُّبَيْرُ وَلَم يَدَعْ دِينَاراً وَلا دِرْهماً إلاَّ أرَضِينَ ، مِنْهَا
الغَابَةُ((4)
__________
(1) - أخرجه : البخاري
4/106 ( 3129 ) .
(2) يوم الجمل : هي الوقعة المشهورة بين علي بن أبي طالب ومن
معه وبين عائشة ومن معها ، وسميت بهذا الاسم لأن عائشة كانت راكبة على جمل عظيم
والناس يقاتلون حول الجمل حتى عقر الجمل . دليل الفالحين 1/318 (3) الموازاة :
المقابلة والمواجهة . النهاية 5/182 .
(4) الغابة : موضع قرب المدينة من ناحية
الشام . مراصد الاطلاع 2/980 .
) وإحْدَى عَشْرَةَ دَاراً
بالمَدِينَةِ ، وَدَارَيْنِ بالبَصْرَةِ ، ودَاراً بالكُوفَةِ ، ودَاراً بمِصْرَ .
قَالَ : وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيهِ أنَّ الرَّجُلَ كَانَ
يَأتِيهِ بالمال ، فَيَسْتَودِعُهُ إيَّاهُ ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ : لا ،
وَلَكِنْ هُوَ سَلَفٌ إنِّي أخْشَى عَلَيهِ الضَّيْعَةَ ((1)) . وَمَا وَليَ
إمَارَةً قَطُّ وَلا جِبَايَةً ((2)) ولا خراجاً ((3)) وَلاَ شَيئاً إلاَّ أنْ
يَكُونَ في غَزْوٍ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَوْ مَعَ أَبي بَكْرٍ
وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رضي الله عنهم - ، قَالَ عَبدُ الله : فَحَسَبْتُ مَا كَانَ
عَلَيهِ مِن الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ ألْفيْ ألْفٍ وَمئَتَي ألْف ! فَلَقِيَ
حَكِيمُ بنُ حِزَام عَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيْرِ ، فَقَالَ : يَا ابْنَ أخِي ،
كَمْ عَلَى أخي مِنَ الدَّيْنِ ؟ فَكَتَمْتُهُ وَقُلْتُ : مِئَةُ ألْف . فَقَالَ
حَكيمٌ : واللهِ مَا أرَى أمْوَالَكُمْ تَسَعُ هذِهِ . فَقَالَ عَبْدُ اللهِ :
أرَأيْتُكَ إنْ كَانَتْ ألْفَي ألف وَمئَتَيْ ألْف ؟ قَالَ : مَا أرَاكُمْ
تُطيقُونَ هَذَا ، فَإنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بي ، قَالَ :
وَكَانَ الزُّبَيرُ قَد اشْتَرَى الغَابَةَ بِسَبْعِينَ ومئة ألف ، فَبَاعَهَا
عَبدُ اللهِ بِألْفِ ألْف وَسِتّمِئَةِ ألْف ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ : مَنْ كَانَ
لَهُ عَلَى الزُّبَيرِ شَيْء فَلْيُوافِنَا بِالغَابَةِ ، فَأتَاهُ عَبدُ اللهِ بنُ
جَعفَر ، وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيرِ أرْبَعمئةِ ألْف ، فَقَالَ لعَبدِ الله :
إنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكمْ ؟ قَالَ عَبدُ الله : لا ، قَالَ :
فَإنْ
__________
(1) الضيعة : أن يضيع
ويتلف . النهاية 3/108 .
(2) الجباية : استخراج الأموال من مظانها . النهاية
1/238 .
(3) الخراج : هو شيء يخرجه القوم في السنة من مالهم بقدر معلوم . اللسان
4/54 ( خرج ) .
شِئتُمْ
جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إنْ إخَّرْتُمْ ، فَقَالَ عَبدُ الله : لا ،
قَالَ : فَاقْطَعُوا لِي قطْعَةً ، قَالَ عَبدُ الله : لَكَ مِنْ هاهُنَا إِلَى
هَاهُنَا . فَبَاعَ عَبدُ اللهِ مِنهَا فَقَضَى عَنْهُ دَينَه وَأوْفَاهُ ،
وَبَقِيَ مِنْهَا أرْبَعَةُ أسْهُم وَنِصْفٌ ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَة وَعنْدَهُ
عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ، وَالمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَابْنُ زَمْعَةَ ،
فَقَالَ لَهُ مُعَاويَةُ : كَمْ قُوِّمَتِ الغَابَةُ ؟ قَالَ : كُلُّ سَهْم بمئَة
ألف، قَالَ : كَمْ بَقِيَ مِنْهَا ؟ قَالَ: أرْبَعَةُ أسْهُم وَنصْفٌ، فَقَالَ
المُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيرِ : قَدْ أخَذْتُ مِنْهَا سَهماً بِمئَةِ ألف ، قَالَ
عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ : قَدْ أخَذْتُ مِنْهَا سَهْماً بمئَةِ ألْف . وَقالَ ابْنُ
زَمْعَةَ : قَدْ أخَذْتُ سَهْماً بِمئَةِ ألْف ، فَقَالَ مُعَاويَةُ : كَمْ بَقِيَ
مِنْهَا ؟ قَالَ : سَهْمٌ ونصْفُ سَهْم ، قَالَ : قَدْ أخَذْتُهُ بخَمْسِينَ
وَمئَةِ ألْف . قَالَ : وَبَاعَ عَبدُ الله بْنُ جَعفَر نَصيبهُ مِنْ مَعَاوِيَةَ
بستِّمِئَةِ ألْف ، فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ ،
قَالَ بَنُو الزُّبَيرِ : اقسمْ بَينَنَا ميراثَنا ، قَالَ : وَاللهِ لا أقْسِمُ
بَيْنَكُمْ حَتَّى أنَادِي بالمَوْسم أرْبَعَ سنينَ : ألا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى
الزُّبَيرِ دَيْنٌ فَلْيَأتِنَا فَلْنَقْضِهِ . فَجَعَلَ كُلّ سَنَةٍ يُنَادِي في
المَوْسِمِ ، فَلَمَّا مَضَى أرْبَعُ سنينَ قَسَمَ بيْنَهُمْ وَدَفَعَ الثُّلُثَ .
وَكَانَ للزُّبَيْرِ أرْبَعُ نِسْوَةٍ ، فَأصَابَ كُلَّ امرَأةٍ ألْفُ ألف
وَمِئَتَا ألْف ، فَجَميعُ مَالِه خَمْسُونَ ألف ألْف وَمِئَتَا ألْف . رواه
البخاري