قَالَ الله
تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا } [ آل عمران :
200 ]، وقال تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ
وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }
[ البقرة : 155] ، وَقالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ
بِغَيْرِ حِسَاب } [ الزمر :10 ] ، وَقالَ تَعَالَى: { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ
إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } [الشورى: 43 ] ، وَقالَ تَعَالَى: {
اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة :
153]، وَقالَ تَعَالَى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ
مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ }
[ محمد : 31 ] ، وَالآياتُ في الأمر بالصَّبْر
وَبَيانِ فَضْلهِ كَثيرةٌ مَعْرُوفةٌ .
__________
(1) -
أخرجه : البخاري 4/28 ( 2826 ) ، ومسلم 6/40 ( 128 ) و( 129 )
.
(1)- وعن أبي مالكٍ الحارث
بن عاصم الأشعريِّ - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه
وسلم - : (( الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمان ، والحَمدُ لله تَمْلأُ الميزَانَ ،
وَسُبْحَانَ الله والحَمدُ لله تَملآن - أَوْ تَمْلأُ - مَا بَينَ السَّماوات
وَالأَرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ ، والصَّدقةُ بُرهَانٌ ، والصَّبْرُ ضِياءٌ ،
والقُرْآنُ حُجةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ((2)) . كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائعٌ
نَفسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُها )) رواه مسلم .
(3)- وعن أبي سَعيد سعدِ بن مالكِ بنِ سنانٍ الخدري رضي الله
عنهما : أَنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصَارِ سَألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -
فَأعْطَاهُمْ ، ثُمَّ سَألوهُ فَأعْطَاهُمْ ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِندَهُ ، فَقَالَ
لَهُمْ حِينَ أنْفْقَ كُلَّ شَيءٍ بِيَدِهِ : (( مَا يَكُنْ عِنْدي مِنْ خَيْر
فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفهُ اللهُ ، وَمَنْ
يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ . وَمَا
أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْر((4)) )) مُتَّفَقٌ عليه
.
__________
(1) - أخرجه : مسلم
1/140 ( 223 ) .
(2) حجة لك إذا امتثلت أوامره واجتنبت نواهيه ، وحجة عليك إن لم
تمتثل أوامره ولم تجتنب نواهيه . دليل الفالحين 1/171 ، وهذا ليس خاصاً بالقرآن بل
يشمل كل العلوم الشرعية فما علمناه إما أن يكون حجة لنا وإما أن يكون حجة علينا ،
فإن عملنا به فهو حجة لنا وإن لم نعمل به فهو علينا وهو وبال أي إثم وعقوبة . انظر
: فتح ذي الجلال والإكرام 1/41 .
(3) - أخرجه : البخاري 2/151 ( 1469 ) ، ومسلم
3/102 ( 1053 ) ( 124 ) .
(4) في الحديث : الحث على التعفف والقناعة ، والصبر
على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا . شرح صحيح مسلم للنووي 4/145 ( 1053 )
.
(1)- وعن أبي يحيى صهيب بن
سنانٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :
((
عَجَباً لأمْرِ المُؤمنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خيرٌ ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ
إلاَّ للمُؤْمِن : إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيراً لَهُ ، وإنْ
أصَابَتْهُ ضرَاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْراً لَهُ )) رواه مسلم .
(2)- وعن أنَسٍ -
رضي الله عنه - ، قَالَ : لَمَّا ثَقُلَ((3)) النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -
جَعلَ يَتَغَشَّاهُ الكَرْبُ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها : وَاكَربَ
أَبَتَاهُ . فقَالَ : (( لَيْسَ عَلَى أَبيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ )) فَلَمَّا
مَاتَ ، قَالَتْ : يَا أَبَتَاهُ ، أَجَابَ رَبّاً دَعَاهُ ! يَا أَبتَاهُ ،
جَنَّةُ الفِردَوسِ مَأْوَاهُ ! يَا أَبَتَاهُ ، إِلَى جبْريلَ نَنْعَاهُ !
فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضي الله عنها : أَطَابَتْ أنْفُسُكُمْ أنْ
تَحْثُوا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - التُّرَابَ ؟! رواه البخاري .
(4)
__________
(1) - أخرجه : مسلم
8/227 ( 2999 ) .
(2) - أخرجه : البخاري 6/18 ( 4462 ) .
(3) ثقل : من شدة
المرض . وفي الحديث : جواز التوجع للميت عند احتضاره ، أما قولها بعد أن قبض ،
فيؤخذ منه أن تلك الألفاظ إذا كان الميت متصفاً بها لا يمنع ذكره بها بعد موته ،
بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهراً وهو في الباطن بخلاف ذلك أو لا يتحقق اتصافه بها
فيدخل المنع . دليل الفالحين 1/180 .
(4) - أخرجه : البخاري 2/100 ( 1284 ) ،
ومسلم 3/39 ( 923 ) .
وفي الحديث : أن سعداً ظن أن جميع أنواع البكاء حرام ، وأن
دمع العين حرام ، وظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نسي فذكره ، فأعلمه النبي -
صلى الله عليه وسلم - أن مجرد البكاء ودمع بعينٍ ليس بحرام ولا مكروه بل هو رحمة
وفضيلة ، وإنما المحرم النوح والندب والبكاء المقرون بهما أو بأحدهما
.
انظر : شرح صحيح مسلم للنووي 4/9
( 923 ) وفيه دليل على وجوب الصبر لأن
الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( مُرها فلتصبر ولتحتسب )) وفيه دليل على
أن هذه الصيغة من العزاء أفضل صيغة . وأفضل من قول بعض الناس : (( أعظم الله أجرك ،
وأحسن عزاءك وغفر لميتك )) هذه صيغة اختارها بعض العلماء لكن الصيغة التي اختارها
الرسول - صلى الله عليه وسلم - أفضل ، لأن المصاب إذا سمعها اقتنع أكثر .
والتعزية في الحقيقة ليست تهنئة كما ظنها بعض العوام ! يحتفل
بها ويوضع لها الكراسي وتوقد لها الشموع ويحضر لها القراء والأطعمة !! لا . التعزية
تسلية وتقوية للمصاب أن يصبر . شرح رياض الصالحين 1/ 91 - 92
.
- وعن أبي زَيدٍ أُسَامَةَ
بنِ زيدِ بنِ حارثةَ مَوْلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وحِبِّه وابنِ
حبِّه رضي اللهُ عنهما ، قَالَ : أرْسَلَتْ بنْتُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -
إنَّ ابْني قَد احْتُضِرَ فَاشْهَدنَا ، فَأَرْسَلَ يُقْرىءُ السَّلامَ ، ويقُولُ :
(( إنَّ لله مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعطَى وَكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِأجَلٍ مُسَمًّى
فَلتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ )) فَأَرسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيهِ
لَيَأتِينَّهَا . فقامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ،
وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابتٍ ، وَرجَالٌ - رضي الله عنهم - ،
فَرُفعَ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - الصَّبيُّ ، فَأقْعَدَهُ في
حِجْرِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ ، فَفَاضَتْ عَينَاهُ فَقالَ سَعدٌ : يَا رسولَ
الله ، مَا هَذَا ؟ فَقالَ : (( هذِهِ رَحمَةٌ جَعَلَها اللهُ تَعَالَى في قُلُوبِ
عِبَادِهِ )) وفي رواية : (( فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ ، وَإِنَّما
يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وَمَعنَى ((
تَقَعْقَعُ )) : تَتَحرَّكُ وتَضْطَربُ .
(1)- وعن
صهيب - رضي الله عنه - : أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : ((
كَانَ مَلِكٌ فيمَنْ كَانَ قَبلَكمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ
للمَلِكِ : إنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إلَيَّ غُلاماً أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ ؛
فَبَعثَ إِلَيْهِ غُلاماً يُعَلِّمُهُ ، وَكانَ في طرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ ،
فَقَعدَ إِلَيْه وسَمِعَ كَلامَهُ فَأعْجَبَهُ ، وَكانَ إِذَا أتَى السَّاحِرَ ،
مَرَّ بالرَّاهبِ وَقَعَدَ إِلَيْه ، فَإذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ ، فَشَكَا
ذلِكَ إِلَى الرَّاهِب ، فَقَالَ : إِذَا خَشيتَ السَّاحِرَ ، فَقُلْ : حَبَسَنِي
أَهْلِي ، وَإذَا خَشِيتَ أهلَكَ ، فَقُلْ : حَبَسَنِي السَّاحِرُ((2))
.
__________
(1) -
أخرجه : مسلم 8/229 ( 3005 ) .
(2) جُوزَ ذلك إن قيل بإسلامه واستقامته لأنه رأى
أن مصلحة تخلفه عنده تزيد على مفسدة تلك الكذبة ، فهو نظير الكذب لإصلاح الخصمين ،
أو أنه من باب الكذب لإنقاذ المحترم من التعدي عليه بالضرب . دليل الفالحين 1/187
.
فَبَيْنَما هُوَ عَلَى
ذلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ ، فَقَالَ :
اليَوْمَ أعْلَمُ السَّاحرُ أفْضَلُ أم الرَّاهبُ أفْضَلُ ؟ فَأخَذَ حَجَراً،
فَقَالَ : اللَّهُمَّ إنْ كَانَ أمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أمْرِ
السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِهِ الدّابَّةَ حَتَّى يَمضِي النَّاسُ ، فَرَمَاهَا
فَقَتَلَها ومَضَى النَّاسُ ، فَأتَى الرَّاهبَ فَأَخبَرَهُ . فَقَالَ لَهُ
الرَّاهبُ : أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ اليَومَ أفْضَل منِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ
مَا أَرَى ، وَإنَّكَ سَتُبْتَلَى ، فَإن ابْتُلِيتَ فَلاَ تَدُلَّ عَلَيَّ ؛
وَكانَ الغُلامُ يُبْرىءُ الأكْمَهَ وَالأَبْرصَ ، ويداوي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ
الأَدْوَاء . فَسَمِعَ جَليسٌ لِلملِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ ، فأتاه بَهَدَايا
كَثيرَةٍ ، فَقَالَ : مَا ها هُنَا لَكَ أَجْمعُ إنْ أنتَ شَفَيتَنِي ، فَقَالَ :
إنّي لا أشْفِي أحَداً إِنَّمَا يَشفِي اللهُ تَعَالَى ، فَإنْ آمَنْتَ بالله
تَعَالَى دَعَوتُ اللهَ فَشفَاكَ ، فَآمَنَ بالله تَعَالَى فَشفَاهُ اللهُ تَعَالَى
، فَأَتَى المَلِكَ فَجَلسَ إِلَيْهِ كَما كَانَ يَجلِسُ ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ :
مَنْ رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ؟ قَالَ : رَبِّي ، قَالَ : وَلَكَ رَبٌّ غَيري ؟
قَالَ : رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى
دَلَّ عَلَى الغُلامِ ، فَجيء بالغُلاَمِ ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : أيْ بُنَيَّ ،
قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرىء الأَكْمَهَ
وَالأَبْرَصَ((1)
__________
(1) الأكمه : الذي
يولد أعمى . النهاية 4/201 .
والبرص : داء معروف ، نسأل الله العافية منه ومن كل
داء ، وهو بياض يقع في الجسد . اللسان 1/377 ( برص ) .
) وتَفْعَلُ وتَفْعَلُ !
فَقَالَ : إنِّي لا أَشْفي أحَداً ، إِنَّمَا يَشفِي الله تَعَالَى . فَأَخَذَهُ
فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهبِ ؛ فَجِيء بالرَّاهبِ
فَقيلَ لَهُ : ارجِعْ عَنْ دِينكَ ، فَأَبَى ، فَدَعَا بِالمِنْشَارِ((1)) فَوُضِعَ
المِنْشَارُ في مَفْرق رَأسِهِ ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ جِيءَ
بِجَليسِ المَلِكِ فقيل لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ ، فَأَبَى ، فَوضِعَ
المِنْشَارُ في مَفْرِق رَأسِهِ ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ
جِيءَ بالغُلاَمِ فقيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينكَ ، فَأَبَى ، فَدَفَعَهُ إِلَى
نَفَرٍ مِنْ أصْحَابهِ ، فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا
فَاصْعَدُوا بِهِ الجَبَل ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ
دِينِهِ وَإلاَّ فَاطْرَحُوهُ . فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الجَبَلَ ،
فَقَالَ : اللَّهُمَّ أكْفنيهمْ بِمَا شِئْتَ ، فَرَجَفَ بهِمُ الجَبلُ
فَسَقَطُوا((2)) ، وَجاءَ يَمشي إِلَى المَلِكِ ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : مَا
فَعَلَ أصْحَابُكَ ؟ فَقَالَ : كَفَانِيهمُ الله تَعَالَى ، فَدَفَعَهُ إِلَى
نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ فاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ
وتَوَسَّطُوا بِهِ البَحْرَ ، فَإنْ رَجعَ عَنْ دِينِهِ وإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ .
فَذَهَبُوا بِهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أكْفِنيهمْ بمَا شِئْتَ ، فانْكَفَأَتْ
بِهمُ السَّفينةُ فَغَرِقُوا ، وَجَاء يَمْشي إِلَى المَلِكِ . فَقَالَ لَهُ
المَلِكُ : مَا فعلَ
__________
(1) وفيه لغة صحيحة
أخرى هي بالهمزة وهي الأفصح ( المئشار ) .
(2) فيه نصر من توكل على الله سبحانه
وانتصر به وفرج عن حول نفسه وقواها ، وما أحوجنا إلى التوكل الخالص على الله مع
التوحيد التام والرجوع والالتجاء إلى الله في هذه الأيام الشديدة نسأل الله العافية
.
أصْحَابُكَ ؟ فَقَالَ :
كَفَانيهمُ الله تَعَالَى . فَقَالَ لِلمَلِكِ : إنَّكَ لَسْتَ بقَاتلي حَتَّى
تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ . قَالَ : مَا هُوَ ؟ قَالَ : تَجْمَعُ النَّاسَ في
صَعيدٍ وَاحدٍ وتَصْلُبُني عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ خُذْ سَهْماً مِنْ كِنَانَتي ،
ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبدِ القَوْسِ ثُمَّ قُلْ : بسْم الله ربِّ
الغُلاَمِ((1)) ، ثُمَّ ارْمِني، فَإنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذلِكَ قَتَلتَني،
فَجَمَعَ النَّاسَ في صَعيد واحدٍ ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ أَخَذَ
سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ ، ثُمَّ
قَالَ : بِسمِ اللهِ ربِّ الغُلامِ ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوقَعَ في صُدْغِهِ((2)) ،
فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ فَمَاتَ ، فَقَالَ النَّاسُ : آمَنَّا بِرَبِّ
الغُلامِ ، فَأُتِيَ المَلِكُ فقيلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ
والله نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ . قَدْ آمَنَ النَّاسُ . فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ
بأفْواهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ((3)) وأُضْرِمَ فيهَا النِّيرانُ وَقَالَ : مَنْ لَمْ
يَرْجعْ عَنْ دِينهِ فَأقْحموهُ فيهَا ، أَوْ قيلَ لَهُ: اقتَحِمْ فَفَعَلُوا
حَتَّى جَاءت امْرَأةٌ وَمَعَهَا صَبيٌّ لَهَا ، فَتَقَاعَسَتْ أنْ تَقَعَ فيهَا،
فَقَالَ لَهَا الغُلامُ : يَا أُمهْ اصْبِري فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ ! )) رواه
مسلم __________
(1) قصد الغلام من هذا
الكلام إفشاء توحيد الله تعالى بين الناس وإظهار أن لا مؤثر في شيءٍ
سواه ، ولم
يفطن الملك لذلك ؛ لفرط غباوته .
(2) الصدغ : ما بين العين إلى شحمة الأذن .
ووضع يده لتألمه من السهم .
(3) أي شقت الأخاديد في الطرق وأشعلت فيها النار .
انظر في هذا كله دليل الفالحين 1/192 - 197 .
(( ذِروَةُ
الجَبَلِ )) : أعْلاهُ ، وَهيَ - بكَسْر الذَّال المُعْجَمَة وَضَمِّهَا - و((
القُرْقُورُ )) : بضَمِّ القَافَينِ نَوعٌ مِنَ السُّفُن وَ(( الصَّعيدُ )) هُنَا :
الأَرضُ البَارِزَةُ وَ(( الأُخْدُودُ )) الشُّقُوقُ في الأَرضِ كَالنَّهْرِ
الصَّغير ، وَ(( أُضْرِمَ )) : أوْقدَ ، وَ(( انْكَفَأتْ )) أَي : انْقَلَبَتْ ،
وَ(( تَقَاعَسَتْ )) : تَوَقفت وجبنت .
(1)- وعن أنس - رضي الله عنه - ،
قَالَ : مَرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ تَبكي عِنْدَ قَبْرٍ ،
فَقَالَ : (( اتّقِي الله واصْبِري )) فَقَالَتْ : إِليْكَ عَنِّي ؛ فإِنَّكَ لم
تُصَبْ بمُصِيبَتي وَلَمْ تَعرِفْهُ ، فَقيلَ لَهَا : إنَّه النَّبيُّ - صلى الله
عليه وسلم - فَأَتَتْ بَابَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَلَمْ تَجِدْ
عِنْدَهُ بَوَّابينَ ، فقالتْ : لَمْ أعْرِفكَ ، فَقَالَ : (( إنَّمَا الصَّبْرُ
عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولى((2)) )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وفي رواية لمسلم : (( تبكي
عَلَى صَبيٍّ لَهَا )) .
__________
(1) - أخرجه : البخاري
2/99 ( 1283 ) ، ومسلم 3/40 ( 926 ) ( 15 ) .
(2) قال النووي : (( في الحديث
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع كل أحد ، والاعتذار إلى أهل الفضل إذا أساء
الإنسان أدبه معهم ، وفيه ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التواضع ،
وأنه ينبغي للإمام والقاضي إذا لم يحتج إلى بوّاب أن لا يتخذه )) شرح صحيح مسلم
4/11 ( 926 )
(1)- وعن أبي
هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : ((
يَقُولُ اللهُ تَعَالَى : مَا لعَبدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ
صَفِيَّهُ((2)) مِنْ أهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إلاَّ الجَنَّةَ )) رواه
البخاري .
(3)- وعن عائشةَ رضيَ الله عنها:
أَنَّهَا سَألَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الطّاعُونِ((4))،
فَأَخْبَرَهَا أنَّهُ كَانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يشَاءُ
، فَجَعَلَهُ اللهُ تعالى رَحْمَةً للْمُؤْمِنينَ ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في
الطَّاعُونِ فيمكثُ في بلدِهِ صَابراً مُحْتَسِباً يَعْلَمُ أنَّهُ لا يصيبُهُ
إلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ إلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِ الشّهيدِ . رواه
البخاري .
(5)- وعن أنس - رضي الله عنه - ، قَالَ : سمعتُ رسولَ الله - صلى الله
عليه وسلم - ، يقول : (( إنَّ الله - عز وجل - ، قَالَ : إِذَا ابْتَلَيْتُ عبدي
بحَبيبتَيه فَصَبرَ عَوَّضتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ )) يريد عينيه ، رواه البخاري
.
__________
(1) - أخرجه : البخاري
8/112 ( 6424 ) .
(2) يسمي العلماء هذا القسم من الحديث ، الحديث القدسي ؛ لأن
الرسول - صلى الله عليه وسلم - رواه عن الله . والصفيّ: من يصطفيه الإنسان ويختاره
من ولد ، أو أخ ، أو عم ، أو أب ، أو أم ، أو صديق ، المهم أن ما يصطفيه الإنسان
ويختاره ويرى أنه ذو صلة منه قوية . إذا أخذه الله - عز وجل - ، ثم احتسبه الإنسان
، فليس له جزاء إلا الجنة . شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/101 .
(3) - أخرجه
: البخاري 4/213 ( 3474 ) .
(4) الطاعون : قيل : إنه وباء معين . وقيل : إنه كل
وباء عام يحل بالأرض فيصيب أهلها ويموت الناس منه مثل الكوليرا . شرح رياض الصالحين
لابن عثيمين 1/103 .
(5) - أخرجه : البخاري 7/151 ( 5653 )
.
(1)- وعن عطَاء بن أبي
رَباحٍ ، قَالَ : قَالَ لي ابنُ عَباسٍ رضي اللهُ عنهما : ألاَ أُريكَ امْرَأةً
مِنْ أَهْلِ الجَنَّة ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ : هذِهِ المَرْأةُ السَّوداءُ أتتِ
النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ : إنّي أُصْرَعُ((2)) ، وإِنِّي
أتَكَشَّفُ ، فادْعُ الله تَعَالَى لي . قَالَ : (( إنْ شئْتِ صَبَرتِ وَلَكِ
الجَنَّةُ ، وَإنْ شئْتِ دَعَوتُ الله تَعَالَى أنْ يُعَافِيكِ )) فَقَالَتْ :
أَصْبِرُ ، فَقَالَتْ : إنِّي أتَكَشَّفُ فَادعُ الله أنْ لا أَتَكَشَّف ، فَدَعَا
لَهَا . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
(3)- وعن أبي عبد الرحمانِ عبدِ الله بنِ مسعودٍ -
رضي الله عنه - ، قَالَ : كَأَنِّي أنْظُرُ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم
- يَحْكِي نَبِيّاً مِنَ الأَنْبِياءِ ، صَلَواتُ الله وَسَلامُهُ عَلَيْهمْ ،
ضَرَبه قَوْمُهُ فَأدْمَوهُ ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ ، يَقُولُ :
(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَومي ، فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمونَ )) مُتَّفَقٌ علَيهِ
.
(4)- وعن أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ رضيَ الله عنهما ،
عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( مَا يُصيبُ المُسْلِمَ مِنْ
نَصَبٍ ، وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ ، وَلاَ حَزَنٍ ، وَلاَ أذَىً ، وَلاَ غَمٍّ ،
حَتَّى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا إلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ
خَطَاياهُ((5)
__________
(1) - أخرجه : البخاري
7/150 و151 ( 5652 ) ، ومسلم 8/16 ( 2576 ) .
(2) من الصرع وهو مرض معروف نسأل
الله العافية .
(3) - أخرجه : البخاري 4/213 ( 3477 ) ، ومسلم 5/179 ( 1792 )
.
(4) - أخرجه : البخاري 7/148 ( 5641 ) ، ومسلم 8/16 ( 2573 ) ( 52 ) .
(5)
المصائب تكون على وجهين : 1- تارة إذا
أُصيب الإنسان تذكّر الأجر واحتسب هذه المصيبة على الله فيكون فيها فائدتان : تكفير
الذنوب ، وزيادة الحسنات .
2-
وتارة يغفل عن هذا فيضيق صدره ، ويغفل عن نية الاحتساب ، والأجر على الله فيكون في
ذلك تكفير لسيئاته ، إذاً هو رابح على كل حال في هذه المصائب التي تأتيه . فإما أن
يربح تكفير السيئات ، وحط الذنوب بدون أن يحصل له أجر لأنه لم ينو شيئاً ولم يصبر
ولم يحتسب الأجر ، وإما أن يربح شيئين كما تقدم .
ولهذا ينبغي للإنسان
إذا أصيب ولو بشوكة ، فليتذكر الاحتساب من الله على هذه المصيبة . شرح رياض
الصالحين 1/109 . ) )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
و(( الوَصَبُ )) : المرض .
(1)-
وعن ابنِ مسعودٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : دخلتُ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه
وسلم - وهو يُوعَكُ ، فقلت : يَا رسُولَ الله ، إنَّكَ تُوْعَكُ وَعْكاً شَدِيداً ،
قَالَ : (( أجَلْ ، إنِّي أوعَكُ كمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنكُمْ )) قلْتُ: ذلِكَ أن
لَكَ أجْرينِ ؟ قَالَ : (( أَجَلْ ، ذلِكَ كَذلِكَ ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصيبُهُ
أذىً ، شَوْكَةٌ فَمَا فَوقَهَا إلاَّ كَفَّرَ اللهُ بهَا سَيِّئَاتِهِ ، وَحُطَّتْ
عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ
.
وَ(( الوَعْكُ )) : مَغْثُ الحُمَّى ، وَقيلَ : الحُمَّى .
(2)- وعن أبي
هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : ((
مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهُ )) رواه البخاري .
وَضَبَطُوا ((
يُصِبْ )) بفَتْح الصَّاد وكَسْرها((3)) .
(4)- وعن
أنس - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا
يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوتَ لضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ
فاعلاً ، فَليَقُلْ : اللَّهُمَّ أحْيني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيراً لِي،
وَتَوفّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيراً لي )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ
.
__________
(1) - أخرجه : البخاري
7/149 ( 5648 ) ، ومسلم 8/14 ( 2571 ) ( 45 ) .
(2) - أخرجه : البخاري 7/149 (
5645 ) .
(3) قُرئت على وجهين وكلاهما صحيح ، فمعناها بالكسر : أن الله يقدر
عليه المصائب حتى يبتليه بها أيصبر أم يضجر ؟ ومعناها بالفتح : أعم أي يصاب من الله
ومن غيره . شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/110 .
(4) - أخرجه : البخاري 7/156
( 5671 ) ، ومسلم 8/64 ( 2680 ) ( 10 ) .
(1)- وعن أبي عبد الله
خَبَّاب بنِ الأَرتِّ - رضي الله عنه - ، قَالَ : شَكَوْنَا إِلَى رسولِ الله - صلى
الله عليه وسلم - وَهُوَ متَوَسِّدٌ بُرْدَةً((2)) لَهُ في ظلِّ الكَعْبَةِ ،
فقُلْنَا : أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ألاَ تَدْعُو لَنا ؟ فَقَالَ : (( قَدْ كَانَ
مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ في الأرضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا ،
ثُمَّ يُؤْتَى بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأسِهِ فَيُجْعَلُ نصفَينِ ،
وَيُمْشَطُ بأمْشَاطِ الحَديدِ مَا دُونَ لَحْمِه وَعَظْمِهِ ، مَا يَصُدُّهُ ذلِكَ
عَنْ دِينِهِ ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ الله هَذَا الأَمْر حَتَّى يَسيرَ الرَّاكبُ
مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَموتَ لاَ يَخَافُ إلاَّ اللهَ والذِّئْب عَلَى غَنَمِهِ
، ولكنكم تَسْتَعجِلُونَ )) رواه البخاري . وفي رواية : (( وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ
بُرْدَةً وَقَدْ لَقِينا مِنَ المُشْرِكِينَ شدَّةً ))
.
__________
(1) - أخرجه : البخاري
4/244 ( 3612 ) و5/56 ( 3852 ) .
(2) نوع من الثياب معروف . النهاية 1/116
.
(1)- وعن ابن مسعودٍ - رضي
الله عنه - ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَومُ حُنَينٍ آثَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه
وسلم - نَاساً في القسْمَةِ ، فَأعْطَى الأقْرَعَ بْنَ حَابسٍ مئَةً مِنَ الإِبِلِ
، وَأَعْطَى عُيَيْنَة بْنَ حصن مِثْلَ ذلِكَ ، وَأَعطَى نَاساً مِنْ أشْرافِ
العَرَبِ وآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ في القسْمَةِ . فَقَالَ رَجُلٌ : واللهِ إنَّ هذِهِ
قِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا ، وَمَا أُريدَ فيهَا وَجْهُ اللهِ ، فَقُلْتُ :
وَاللهِ لأُخْبِرَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فَأَتَيْتُهُ
فَأخْبَرتُهُ بمَا قَالَ ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى كَانَ كالصِّرْفِ . ثُمَّ
قَالَ : (( فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لم يَعْدِلِ اللهُ وَرسولُهُ ؟ )) ثُمَّ قَالَ :
(( يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بأكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبر )) . فَقُلْتُ :
لاَ جَرَمَ لاَ أرْفَعُ إِلَيْه بَعدَهَا حَدِيثاً((2)) . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ
.
وَقَوْلُهُ : (( كالصِّرْفِ )) هُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ : وَهُوَ
صِبْغٌ أحْمَر . (3)
__________
(1) - أخرجه : البخاري
4/115 ( 3150 ) ، ومسلم 3/109 ( 1062 ) ( 140 ) .
(2) في الحديث : دليل على أن
للإمام أن يعطي من يرى في عطيته المصلحة ولو أكثر من غيره ، إذا كان في هذا مصلحة
للإسلام ، ليست مصلحة شخصية يحابي من يحب ويمنع من لا يحب ، لا ، إذا رأى في هذا
مصلحة للإسلام وزاد في العطاء ؛ فإن هذا إليه وهو مسؤول أمام الله ، ولا يحل لأحد
أن يعترض عليه فإن اعترض عليه فقد ظلم نفسه .شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/116
.
(3) - أخرجه : الترمذي ( 2396 ) بهذا اللفظ .
وأخرجه : ابن ماجه (
4031 ) باللفظ الثاني فقط . وقال الترمذي : (( هذا حديث حسن غريب ))
.
- وعن أنسٍ -
رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إِذَا
أَرَادَ الله بعبدِهِ الخَيرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ في الدُّنْيا ، وَإِذَا
أَرَادَ اللهُ بِعَبدِهِ الشَّرَّ أمْسَكَ عَنْهُ بذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ
يومَ القِيَامَةِ )) .
وَقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه
وسلم - : (( إنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ ، وَإنَّ اللهَ تَعَالَى
إِذَا أَحَبَّ قَوْماً ابْتَلاَهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ
سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ )) رواه الترمذي ، وَقالَ: (( حديث حسن )).
(1)
__________
(1) - أخرجه : البخاري
7/109 ( 5470 ) ، ومسلم 6/174 ( 2144 ) ( 23 ) .
وفي الحديث فوائد منها : دليل
على قوة صبر أم سُليم رضي الله عنها ، وفيه جواز التورية : أي أن يتكلم الإنسان
بكلام تخالف نيته ما في ظاهر هذا الكلام ، وفيه أنه يستحب التسمية بعبد الله . شرح
رياض الصالحين لابن عثيمين 1/121 .
- وعن أنسٍ - رضي الله عنه
- ، قَالَ : كَانَ ابنٌ لأبي طَلْحَةَ - رضي الله عنه - يَشتَكِي ، فَخَرَجَ أبُو
طَلْحَةَ ، فَقُبِضَ الصَّبيُّ ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ ، قَالَ : مَا
فَعَلَ ابْنِي ؟ قَالَتْ أمُّ سُلَيم وَهِيَ أمُّ الصَّبيِّ : هُوَ أَسْكَنُ مَا
كَانَ ، فَقَرَّبَتْ إليه العَشَاءَ فَتَعَشَّى ، ثُمَّ أَصَابَ منْهَا ، فَلَمَّا
فَرَغَ ، قَالَتْ : وَارُوا الصَّبيَّ فَلَمَّا أَصْبحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رسولَ
الله - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرَهُ ، فَقَالَ : (( أعَرَّسْتُمُ اللَّيلَةَ ؟
)) قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : (( اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا )) ، فَوَلَدَتْ
غُلاماً ، فَقَالَ لي أَبُو طَلْحَةَ : احْمِلْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبيَّ -
صلى الله عليه وسلم - ، وَبَعَثَ مَعَهُ بِتَمَراتٍ ، فَقَالَ : (( أَمَعَهُ شَيءٌ
؟ )) قَالَ : نَعَمْ ، تَمَراتٌ ، فَأخَذَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -
فَمَضَغَهَا ، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا في فِيِّ الصَّبيِّ ، ثُمَّ
حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبدَ الله . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وفي رواية للبُخَارِيِّ
: قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ : فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ : فَرَأيْتُ تِسعَةَ
أوْلادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَؤُوا القُرْآنَ ، يَعْنِي : مِنْ أوْلادِ عَبدِ الله
المَولُودِ .
وَفي رواية لمسلمٍ : مَاتَ
ابنٌ لأبي طَلْحَةَ مِنْ أمِّ سُلَيمٍ ، فَقَالَتْ لأَهْلِهَا : لاَ تُحَدِّثُوا
أَبَا طَلْحَةَ بابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ، فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ
إِلَيْه عَشَاءً فَأَكَلَ وَشَرِبَ، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ
تَصَنَّعُ قَبْلَ ذلِكَ ، فَوَقَعَ بِهَا . فَلَمَّا أَنْ رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ
شَبِعَ وأَصَابَ مِنْهَا ، قَالَتْ : يَا أَبَا طَلْحَةَ ، أَرَأَيتَ لو أنَّ
قَوماً أعارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيتٍ فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ ، أَلَهُمْ أن
يَمْنَعُوهُمْ ؟ قَالَ : لا ، فَقَالَتْ : فَاحْتَسِبْ ابْنَكَ ، قَالَ : فَغَضِبَ
، ثُمَّ قَالَ : تَرَكْتِني حَتَّى إِذَا تَلطَّخْتُ ، ثُمَّ أخْبَرتني بِابْنِي ؟!
فانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَرَهُ بِمَا
كَانَ فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: (( بَارَكَ اللهُ في
لَيْلَتِكُمَا )) ، قَالَ : فَحَمَلَتْ . قَالَ : وَكانَ رسولُ الله - صلى الله
عليه وسلم - في سَفَرٍ وَهيَ مَعَهُ ، وَكَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -
إِذَا أَتَى المَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لاَ يَطْرُقُهَا طُرُوقاً فَدَنَوا مِنَ
المَدِينَة ، فَضَرَبَهَا المَخَاضُ ، فَاحْتَبَسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ ،
وانْطَلَقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - . قَالَ : يَقُولَ أَبُو طَلْحَةَ :
إنَّكَ لَتَعْلَمُ يَا رَبِّ أَنَّهُ يُعْجِبُنِي أنْ أخْرُجَ مَعَ رسولِ الله -
صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ وَقَدِ
احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى ، تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ : يَا أَبَا طَلْحَةَ ، مَا
أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أجدُ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْنَا وَضَرَبَهَا المَخَاضُ
حِينَ قَدِمَا فَوَلدَت غُلامَاً . فَقَالَتْ لِي أمِّي : يَا أنَسُ ، لا
يُرْضِعْهُ أحَدٌ حَتَّى تَغْدُو بِهِ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ،
فَلَمَّا أصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رسولِ الله - صلى الله
عليه وسلم - ..وَذَكَرَ تَمَامَ الحَدِيثِ .
(1)- وعن
أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : ((
لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ ، إنَّمَا الشَدِيدُ الَّذِي يَملكُ نَفْسَهُ
عِنْدَ الغَضَبِ ))((2)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (( وَالصُّرَعَةُ )) : بضَمِّ
الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وأَصْلُهُ عِنْدَ العَرَبِ مَنْ يَصْرَعُ النَّاسَ
كَثيراً .
__________
(1) - أخرجه : البخاري
8/34 ( 6114 ) ، ومسلم 8/30 ( 2609 ) ( 107 ) .
(2) بيّن النبي - صلى الله عليه
وسلم - أن القوي الشديد ليس بالصرعة ، بل القوي في الحقيقة هو الذي يصرع نفسه إذا
صارعته وغضب ، ملكها وتحكم فيها ؛ لأن هذه هي القوة الحقيقية . ففي الحديث الحث على
أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب ، فإذا غضب ، عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان
الرجيم وإن كان قائماً فليقعد وإن كان قاعداً فليضطجع وإن خاف خرج من المكان الذي
هو فيه حتى لا ينفذ غضبه فيندم . انظر : شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/124 - 125
.
(1)- وعن سُلَيْمَانَ بن
صُرَدٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : كُنْتُ جالِساً مَعَ النَّبيّ - صلى الله عليه
وسلم - ، وَرَجُلانِ يَسْتَبَّانِ ، وَأَحَدُهُمَا قدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ ،
وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ((2)) ، فَقَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : ((
إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ، لَوْ قَالَ :
أعُوذ باللهِ منَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ، ذَهَبَ منْهُ مَا يَجِدُ )) . فَقَالُوا
لَهُ : إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( تَعَوّذْ باللهِ مِنَ
الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
(3)- وعن معاذِ بنِ أَنسٍ - رضي
الله عنه - : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( مَنْ كَظَمَ
غَيظاً((4)) ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أنْ يُنْفِذَهُ ، دَعَاهُ اللهُ سُبحَانَهُ
وَتَعَالى عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ يَومَ القِيامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنَ
الحُورِ العِينِ مَا شَاءَ )) رواه أَبو داود والترمذي ، وَقالَ : (( حديث حسن ))
.
(5)- وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - : أنَّ رَجُلاً قَالَ للنبي - صلى الله
عليه وسلم - : أوصِني . قَالَ : (( لا تَغْضَبْ )) فَرَدَّدَ مِراراً ، قَالَ : ((
لاَ تَغْضَبْ )) رواه البخاري .
__________
(1) - أخرجه : البخاري
4/150 ( 3282 ) ، ومسلم 8/30 ( 2610 ) ( 109 ) .
(2) هي ما أحاط بالعنق من
العروق التي يقطعها الذابح . النهاية 5/165 .
(3) - أخرجه : أبو داود ( 4777 ) ،
وابن ماجه ( 4186 ) ، والترمذي ( 2021 ) وقال : حديث حسن غريب .
(4) الغيظ : هو
الغضب الشديد ، والإنسان الغاضب هو الذي يتصور نفسه أنه قادر على أن ينفذ لأن من لا
يستطيع لا يغضب لكنه يحزن ، ولهذا يوصف الله بالغضب . شرح رياض الصالحين لابن
عثيمين 1/125 .
(5) - أخرجه : البخاري 8/35 ( 6116 )
.
(1)- وعن أبي
هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((
مَا يَزَالُ البَلاَءُ بالمُؤمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ في نفسِهِ ووَلَدِهِ وَمَالِهِ
حَتَّى يَلْقَى الله تَعَالَى وَمَا عَلَيهِ خَطِيئَةٌ )) رواه الترمذي ، وَقالَ :
(( حديث حسن صحيح )) .
(2)- وعن ابْنِ عباسٍ رضي الله عنهما
، قَالَ : قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ
بنِ قَيسٍ ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمرُ - رضي الله عنه -
، وَكَانَ القُرَّاءُ((3)) أصْحَابَ مَجْلِس عُمَرَ - رضي الله عنه -
وَمُشاوَرَتِهِ كُهُولاً((4)) كانُوا أَوْ شُبَّاناً ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ
أخيهِ : يَا ابْنَ أخِي ، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ فَاسْتَأذِنْ لِي
عَلَيهِ ، فاسْتَأذَن فَأذِنَ لَهُ عُمَرُ . فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ : هِي((5)) يَا
ابنَ الخَطَّابِ ، فَواللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ((6)) وَلا تَحْكُمُ فِينَا
بالعَدْلِ . فَغَضِبَ عُمَرُ - رضي الله عنه - حَتَّى هَمَّ أنْ يُوقِعَ بِهِ .
فَقَالَ لَهُ الحُرُّ : يَا أميرَ المُؤْمِنينَ ، إنَّ الله تَعَالَى قَالَ
لِنَبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } ((7)
__________
(1) -
أخرجه : الترمذي ( 2399 ) .
(2) - أخرجه : البخاري 6/76 ( 4642 ) .
(3)
القراء : جمع قارئ ، القارئ للقرآن المتفهم لمعانيه . دليل الفالحين 1/239 .
(4)
الكهل من الرجال من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين ، وقيل : من ثلاث وثلاثين إلى
تمام الخمسين ، وقيل : أراد بالكهل الحليم العاقل . النهاية 4/213 .
(5) بكسر
الهاء وسكون التحتية كلمة تهديد . دليل الفالحين 1/240 .
(6) أي ما تعطينا
العطاء الكثير . دليل الفالحين 1/241 .
(7) قال جعفر الصادق رحمه الله: (( ليس
في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه )). دليل الفالحين 1/241
.
)[ الأعراف : 198] وَإنَّ
هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ ، واللهِ مَا جَاوَزَهاَ عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا ، وكَانَ
وَقَّافاً عِنْدَ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى . رواه البخاري .
(1)- وعن ابن مسعود -
رضي الله عنه - : أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إنَّهَا
سَتَكونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها ! )) قَالُوا : يَا رَسُول الله ،
فَمَّا تَأْمُرُنا ؟ قَالَ : (( تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ ،
وَتَسأَلُونَ الله الَّذِي لَكُمْ((2)) )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
(( وَالأَثَرَةُ
)) : الانْفِرادُ بالشَّيءِ عَمنَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ
.
__________
(1) - أخرجه : البخاري
4/241 ( 3603 ) ، ومسلم 6/71 ( 1843 ) .
(2) أي أنه يستولي على المسلمين ولاة
يستأثرون بأموال المسلمين يصرفونها كما شاءوا ويمنعون المسلمين حقهم فيها . والواجب
على المسلمين في ذلك السمع والطاعة وعدم الإثارة وعدم التشويش عليهم واسألوا الحق
الذي لكم من الله. شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/127.
(1)- وعن أبي يحيى أُسَيْد
بن حُضَير - رضي الله عنه - : أنَّ رَجُلاً مِنَ الأنْصارِ ، قَالَ :
يَا رسولَ
الله ، ألاَ تَسْتَعْمِلُني كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاناً ، فَقَالَ : (( إنكُمْ
سَتَلْقَونَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوني عَلَى الحَوْضِ((2)) ))
مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
(( وَأُسَيْدٌ )) : بضم الهمزة . (( وحُضيْرٌ )) : بحاءٍ
مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة ، والله أعلم
.
__________
(1) - أخرجه : البخاري
5/41 ( 3792 ) ، ومسلم 6/19 ( 1845 ) .
(2) هذا الحوض الذي يكون في يوم القيامة
في مكان وزمان أحوج ما يكون الناس إليه ؛ لأنه يحصل على الناس من الهم والغم والكرب
والعرق والحر ما يجعلهم في أشد الضرورة إلى الماء ، فيردون حوض الرسول - صلى الله
عليه وسلم - ، حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر ، يصب عليه ميزابان من الكوثر وهو نهر
في الجنة أعطيه النبي - صلى الله عليه وسلم - . ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من
العسل وأطيب من رائحة المسك ، وفيه أواني كنجوم السماء في اللمعان والحسن والكثرة ،
من شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبداً . اللهم اجعلنا ممن يشرب منه . شرح رياض
الصالحين لابن عثيمين 1/128 .
(1)-
وعن أبي إبراهيم عبدِ الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما : أنَّ رَسُول الله - صلى
الله عليه وسلم - في بعْضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ ، انْتَظَرَ
حَتَّى إِذَا مالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فيهمْ ، فَقَالَ : (( يَا أيُّهَا النَّاسُ ،
لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ ، وَاسْأَلُوا الله العَافِيَةَ ، فَإِذَا
لقيتُمُوهُمْ فَاصْبرُوا((2)) ، وَاعْلَمُوا أنّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ
)) .
ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ - صلى الله
عليه وسلم - : (( اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ ،
وَهَازِمَ الأحْزَابِ ، اهْزِمْهُمْ وَانصُرْنَا عَلَيْهمْ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ،
وبالله التوفيق